من الظلم والأذى، وبما قدر لها من مرارة الدنيا ومشقاتها ومصائبها وبلاياها.
وبمراجعة بعض الروايات في المقام يظهر أن هناك حالة ترابط بين اسم الصديقة لفاطمة سلام الله عليها وبين اسمها الراضية، فهناك حالة تلازم كما يظهر من الحديث الذي سوف أنقله إليك بين حالة الرضا بقضاء الله تعالى وبين الصديق الذي يكون عند الله بهذا المقام، فلقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " قال الله عز وجل: عبدي المؤمن لا أصرفه في شئ إلا جعلته خيرا له، فليرض بقضائي، وليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي أكتبه، أكتبه يا محمد من الصديقين عندي " (1).
وتمام هذا الحديث منطلق على سيرتها الذاتية (عليها السلام) فهي كانت راضية بقضاء الله تعالى وصابرة على ما جرى عليها من الظلم والهوان، وكانت شاكرة لله تعالى فالشكر يدل على الرضا، وبملاحظة أسماء الزهراء في الرواية المتقدمة في أول الفصل نجد أن من أسماءها الصديقة وأن من الأسماء الأخرى لها هو الراضية، إذن الرضا يؤدي بالعبد إلى درجة الصديقين، والزهراء من خلال استقراء حياتها وسيرتها الذاتية نجد أنها كانت راضية بكل ما قدر الله لها، فهي إذن صديقة وهذا من أفضل البراهين على أنها كانت صديقة سلام الله عليها.
أما من خلال الأحاديث والأقوال الواردة في المقام فهي كثيرة والتي من خلالها بينت أن فاطمة سلام الله عليها كانت الراضية، وكما قلنا أن سيرتها الذاتية طافحة بالأحداث الكثيرة التي أثبت أنها كانت راضية بما قدر الله لها، فعن علي بن أعبد قال:
قال لي علي رضي الله عنه: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى. قال: إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها، وأصابها من ذلك ضر، فأتي النبي (عليه السلام) خدم، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما. فأتته فوجدت عنده حداثا، فاستحيت فرجعت، فأتاها من الغد، فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت: أحدثك يا رسول (عليه السلام)، جرت عندي