الرفيع، وهذه لا تسلم أبدا من أيدي العابثين إلا بسفك المهج وإراقة الدماء. وصدق الشاعر حين قال:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * حتى يراق على جوانبه الدم ويقول أبو القاسم الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي * ولا بد للقيد أن ينكسر أجل.. إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) لتدرك جيدا أن هذا الشعار الذي أخذته من النبي لا يمكن حفظه إلا بالتضحية، والشهادة ولذلك قامت بخطوة تكريمية للشهداء، وهي أنها جعلت من تراب قبر الشهيد حبات لمسبحتها، لتدير عليها هذا المنهج الملائكي النوراني الذي سمي: تسبيح الزهراء. ونفس الشئ يقال بالنسبة للحمد، فالحمد هو أعلى قمة يمكن أن يصل إليها الإنسان، ومن هنا كانت سورة الحمد أم الكتاب، لأنها جمعت التعبير كله ولخصت مسيرة الأنبياء جميعا في مضمونها، وكما في التكبير والتحميد كذلك في التسبيح، وهو سبحان الله وكما قلت سابقا أن هذا التسبيح جاء مصبوبا في قالب أدبي وأخلاقي وتربوي، وذلك أنه بدأ ب " اسم الله " وانتهى ب " باسم الله " فهو يبدأ ب " الله أكبر " وينتهي ب " سبحان الله " فنجد كلمة الله في أوله، والله في آخره، ولو بدأ ب " الحمد لله " مثلا لما حصل هذا المعنى وهذا الإطار التربوي الجميل، وهو مشتق ونابع من قول الله تعالى: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) *. إذن تسبيح فاطمة الزهراء - سلام الله عليها - إنما جاء ليزرع في أعماقنا شتائل النور، ويبادر الحب والعطاء.. لقد جاء هذا التسبيح الجامعي العظيم، ليشعل في قلوبنا قناديل الأمل والرجاء، ويمنحنا الطمأنينة والسلام، ولكي نتذوق حلاوة التسبيح، فإنه لا بد لنا من المواظبة على قراءته في أعقاب كل صلاة نصليها وذلك لأنه يدفع البلاء عنا، ويجلب الرزق ويعمنا بسحاب البركة والخير الكثير والله ولي التوفيق (1). وختاما للموضوع نذكر أهم فوائد وآثار هذا التسبيح المبارك الذي منه رسول الله علينا من لسان ابنته