يكون على ضوء التقرير المستفاد من هذه الآية المباركة وهو كالآتي: إن إبراهيم عليه السلام طلب من الله تعالى الرؤية في قضية إحياء الموتى وأنه كيف يحيي الله الموتى، وليس المراد من الله تعالى البيان الاستدلالي لإبراهيم في هذه القضية فإن الأنبياء ، وليس المراد من الله تعالى البيان الاستدلالي لإبراهيم في هذه القضية فإن الأنبياء مثل إبراهيم الخليل أرفع قدرا وشأنا من أن يعتقد البعث ولا حجة له عليه، والاعتقاد النظري من غير حجة عليه ما اعتقاد تقليدي أو ناشئ عن اختلال فكري وشئ من هذا القبيل لا ينطبق على إبراهيم عليه السلام، على أنه سأل بلفظ كيف وإنما يستفهم بكيف عن خصوصية وجود الشئ لا عن أصل وجوده فإنك إذا قلت: أرأيت زيدا كان معناه السؤال عن تحقق أصل الرؤية، وإذا قلت كيف رأيت زيدا كان أصل الرؤية مفروغا عنه وإنما السؤال عن خصوصيات الرؤية، فنظر أنه أنظر سأل البيان بالإراءة والإشهاد لا بالاحتجاج والاستدلال.
على أن إبراهيم إنما سأل عن يشاهد كيفية الإحياء لا أصل الإحياء كما أن ظاهر قوله : كيف تحي الموتى، والسؤال بأجزائها الذي به تلبس الحياة، ويرجع محصلة أي السؤال عن السبب وكيفية تأثيره، وهذا بوجه هو الذي يسميه الله سبحانه بملكوت الأشياء في قوله تعالى عز من قائل: (إنما أمره إذا أراد أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون) ولقد أعطى الله تبارك وتعالى القدرة على التصرف عن طريق ولاية أو عن طريق قوة أو شئ آخر في إحياء الطيور الأربعة، وقضية إحيائها إنما عن طريق التصرف في التكوينيات بواسطة قوة مؤثرة فاعلة حقيقية جعلها البارئ على يد إبراهيم عليه السلام وليس مثل ما توهم بعضهم من دعوة إبراهيم للطيور في إحيائها وقول عيسى عليه السلام لميت عند إحيائه: قم بأذن الله وجريان الله تعالى في ألفاظهم المؤلفة من حروف الهجاء، أو في إدراكهم التخيلي الذي تدل عليه ألفاظهم نظير النسبة التي بين ألفاظنا العادية ومعانيها وقد خفى عليهم أن ذلك أنما هو عن اتصال باطني بقوة إلهية غير مغلوبة وقدرة غير متناهية هي المؤثرة الفاعلة بالحقيقة ، وعلى أي حال إنما أمر الله تعالى نبيه إبراهيم الخليل بأخذ أربعة من الطير ليعرفها فلا شك فيها عند إعادة الحياة إليها، ولا ينكرها، وليرى ما هي عليه من