وفيما نحن فيه جاء الخطاب للرسول باسم أحمد، حيث توجه إليه الخطاب الإلهي ليقول له لولاك يا رسول الله لما خلقت الموجودات التي هي متيسرة في الأفلاك، والأفلاك هنا معناها كل الموجودات التي تدور حياتها ووجودها في الكون سواء نعلم بوجودها أم لا نعلم، فعلة خلق الموجودات هو لأجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وهذا ما أكدته كثير من الأحاديث المأثورة في هذا المقام منها عن النبي لما خلق الله آدم أبو البشر نفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجدا وركعا.
قال آدم: يا رب! هل خلقت أحدا من طين قبلي؟ قال: لا، يا آدم، قال: من هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟
قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الأنس ولا الجن، فإن المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا الحسن وهذا الحسين آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخلته ناري ولا أبالي يا آدم، هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم، وبهم أهلكهم فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحن سفينة النجاة. من تعلق بها نجا، ومن حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت (1).
أقول: يظهر من هذا الحديث عدة أمور مهمة تتطابق في مدلولاتها مع الحديث القدسي الذي نحن بشأن توضيحه، فأنوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مخلوقة قبل وجود آدم، وأكد الحديث على أن علة خلق آدم هو من أجل هذه الأنوار - حيث قال الله تعالى لآدم: لولاهم ما خلقتك بل تجاوز الأمر إلى أن كل الموجودات هي مخلوقة بسببهم فالعرش والجنة والنار والكرسي والسماء والأرض والملائكة والإنس والجن كلهم لن يوجدوا لولا وجود أنوار أهل البيت بما فيهم جدهم رسول