أهل الأقلام والفكر والتحقيق يغوصون في فهم العقائد ودعمها قرآنيا أو روائيا وعلى ضوء الاستدلالات الصحيحة وبالنتيجة تكون العقيدة معمقة ودقيقة وتقف بوجه الشبهات والإشكالات التي تطرح عليها، والأمثلة على ذلك كثير جدا مثلما طرحت بعض الإشكالات المغرضة حول وجود صاحب الزمان عج وقضية الزهراء بصورة عامة كل هذه الإشكالات بالنتيجة وكما قلنا كانت مفيدة بقدر ما هي مضرة ببعض ضعاف النفوس وعلى كل فالذي نريد القول به هو أن الردود العلمية الدقيقة للإشكالات والشبهات التي تطرح قد أنضجت القضايا العقائدية بشكل أو آخر.
أما الجواب على مسألة تفضيل الزهراء عليها السلام على مريم عليها السلام فيكون على شكل نقاط نذكرها لكي يتبين لنا الحق في ذلك:
1 - إن الحديث الذي بدأنا به البحث قال بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وهذا القول يحمل نفس معنى أن فاطمة سيدة نساء العالمين لأن الجنة فيها المؤمنات فقط والقديسات الطاهرات فتكون فاطمة سيدتهن فمن باب الأولوية تكون فاطمة سيدتهن في الدنيا كما هي سيدتهن في الآخرة فالمعنى واحد سواء في الدنيا أو في الجنة.
2 - أن ما طرحه القرآن الكريم من كون مريم عليها السلام قد اصطفاها الله تعالى على نساء العالمين كان على لسان النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أخبرنا بالقرآن وهو الذي أوحي إليه من الله تعالى، ونقول كذلك باعتبار الرسول ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أخبرنا وبلغنا أن فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ومريم سيدة عالمها فكما بلغنا الرسول القرآن في الآيات الأولى من اصطفاء مريم كذلك بلغنا بقوله حول ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام والشاهد على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه القصة هو ما ورد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسا ذات يوم، وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال: اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأحب من أحبهم وأبغض من أبغضهم وأوالي من والاهم وأعادي من عاداهم ... إلى أن يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حق فاطمة... وإنها لسيدة نساء العالمين. فقيل يا رسول الله، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ذاك لمريم بنت عمران، فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من