فمن يقدر على الإحاطة بمعرفة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بما هي هي، وبما تحمل في ذاتها وصفاتها من الأسرار وسر السر، هيهات هيهات، لا يعرفها حقيقة إلا مصورها وبارؤها وأبوها وبعلها (عليهما السلام)، ولمثلها يقوم خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) إجلالا ويقبل صدرها ويدها، ويشم منها رائحة الجنة، ولا يخرج من المدينة حتى يودعها ولا يدخل حتى يسلم عليها أولا.
وليس كل هذا باعتبار العاطفة الأبوية، بل لما تحمل من الفضائل النبوية والأسرار العلوية.
فمن هي؟
هي التي كانت مفروضة الطاعة على جميع الخلق من الجن والإنس والطير والوحوش.
هي التي لا يذكر الله الحور العين في كتابه وفي سورة الدهر عندما يذكر منقبة من مناقبها إجلالا وتكريما وتعظيما لها.
هي الكوثر التي خصها الله بالخلق النوري من بين النساء، وبالمهدي من آل محمد (عليهم السلام)، وبالذرية المباركة الطاهرة، بالحسن والحسين والأئمة المعصومين (عليهم السلام).
هي التي اشتق اسمها من اسم الله فكان فاطرا وكانت فاطمة، وإنها صاحبة السر المستودع، ولها من المناقب والفضائل ما لا يمكن للبشر أن يحصيها، وإذا كانت ضربة علي (عليه السلام) يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين أو أفضل، فمن يقدر أن يعد عبادتهم؟
وفاطمة كفو لعلي (عليهما السلام)، فلها ما لعلي في كل شئ إلا الإمامة، كما كان لعلي ما لرسول الله إلا النبوة.
والمرأة إذا لم تكن نبية، فإن لها أن تصل إلى مقام الولاية العظمى، فتكون أفضل من الأنبياء كفاطمة الزهراء (عليها السلام)، فهي حلقة وصل بين النبوة والإمامة، فهي نور المهج وحجة الحجج...
وهي بضعة المصطفى وبهجة قلبه، من سرها فقد سر رسول الله، ومن آذاها فقد آذى رسول الله، ومن آذى رسول الله فقد آذى الله، ومن آذى الله ورسوله، فعليه لعنة الله أبد الآبدين، وكذلك لمن أغضبها وغضبت عليه، فارجع إلى التأريخ لتعرف على