وأولى شئ بالمعرفة، وإنه مقدم على كل المعارف والعلوم هو معرفة أصول الدين بالبرهان واليقين، وبدءا بالمعرفة الجلالية ثم الجمالية ثم الكمالية.
ومن الأصول معرفة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فمن عرفها حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. ألا إنها سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها.
فمن يعرفها؟! وعلى معرفتها دارت القرون الأولى، وما تكاملت النبوة لنبي حتى أمر بفضلها ومحبتها (1).
ومن الواضح أن المعرفة الكاملة والتامة لا تكون إلا بعد الإحاطة بالشئ، ومن يقدر على أن يحيط بفاطمة الزهراء (عليها السلام) إلا من كان خالقها ومن كان كفوا لها، فلا يعرفها ويعرف أسرارها إلا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ورسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، فإن الخلق كلهم حتى الأنبياء والملائكة والجن والإنس فطموا وقطعوا عن كنه معرفتها والإحاطة بها، فلا يعرفها حقا إلا الله ورسوله ووصيه (عليهما السلام).
ففاطمة الزهراء وديعة المصطفى وحليلة المرتضى مظهر النفس الكلية على أتم الوجوه الممكنة فهي الحوراء بتعين إنسي، مطلع الأنوار البهية، وضياء المشكاة النبوية، صندوق الأسرار الإلهية، ووعاء المعارف الربانية، عصمة الله الكبرى، وآية الله العظمى.
لا ريب ولا شك أن فاطمة أحرزت مقام العصمة الإلهية الكبرى، كما عليه الإجماع القطعي وذهب إليه الأعاظم من عباقرة العلم والمعرفة، كالشيخ المفيد والسيد المرتضى.
كما تدل الآيات الكريمة والروايات الشريفة على ذلك، يكفيك شاهدا آية التطهير، وما أدراك ما آية التطهير، فمن أنكر ذلك فهو كالأعمى الذي ينكر نور الشمس.
والعصمة من اللطف الإلهي الخاص ويعني القوة النورية الملكوتية الراسخة في نفس المعصوم (عليه السلام)، تعصمه وتحفظه من كل شين، كما تزينه بكل زين، فيعصم من