فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
عن محمد بن كعب القرظي قال: لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام، فقال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده، ثم قال: أنا أقول ذلك، أنت أحدهم. وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس: (يس.
والقرآن الحكيم)، إلى (فأغشيناهم فهم لا يبصرون)، حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.
فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ههنا؟ قالوا: محمدا.
قال: خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي (رض) عن الفراش فقالوا:
والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.