ثم قال رضوان الله تعالى عليه: يا قنبر أسرج لي فرس رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم واتني بثياب رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم، فجاء بها أجمع، فركب وركبت معه، فقال عليه السلام: يا مالك أتدري إلى أين نذهب؟ فقلت: الله ورسوله ووصيه أعلم. فقال: يا مالك اتتني في يومي هذا فاختة فشكت شجاعا أكل بعض فراخها وشفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم أن آتي عشها فأدفع عنها ذلك الشجاع. قال: فأجرينا حتى انتهينا إلى دوحة عالية في الهواء، فقال أمير المؤمنين شرفه الله تعالى بإكرامه: أيتها الفاختة عشك على هذه الدوحة. فقالت في نغمتها ما لم أفهمه، فقام أمير المؤمنين تحت الشجرة وهي ترفع رأسها مرة وتقع أخرى تهدر، فلما فرغت من شكواها وكلامها لأمير المؤمنين قلت: يا أمير المؤمنين ما قالت وما قلت لها، قالت رحمة الله تعالى عليه: يا مالك قالت الفاختة آمنت بالله حقا وصدقت لنبينا ورضيت من بعده، عليا والله يا أمير المؤمنين ما في الطيور طائر يحب عترة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم أكثر من جنسي وجنس القبرة. فقلت لها: بارك الله في نسلك ورمى الشجاع بصاعقة عظيمة ودعا بدعاء طويل فما استتم كلام أمير المؤمنين إذ سقط من الشجرة أفعى متفسخا، ثم قال: يا مالك استجاب الله تعالى لي دعائي لها.
قال: وكنت لا أفهم معنى الدعاء ولا لفظه ولا أعقله، فقلت: يا أمير المؤمنين ما قلت في نغمتك ودعائك هذه؟ فقال عليه السلام: تفسير هذه الكلمات التي قلتها سبحان من لا تحده الصفات ولا يشتبه عليه الأصوات ولا يبرمه ازدحام الحاجات ولا يقلبه المسائل وهو إلى العباد قريب وبإسعاف حاجاتهم غني رؤوف، يا مالك والذي بعث محمدا عليه السلام بالحق نبيا إني لأعرف اللغات والنغمات في سائر الأصوات من طيور وحش وإنس وجن، أتعجب من هذا يا مالك سترى