الفقه تعرض الفقه الاسلامي لأحوال الإنسان الخاصة والعامة: لواجبه مع الله، ومع نفسه وأسرته، ولعلاقته مع الدولة والمجتمع، ولشؤونه الزراعية والتجارية، ولما ينتج، ويستهلك. ولهذا كان الفقه الاسلامي أوسع من سائر العلوم الإسلامية وكانت آثار الصادق فيه أكثر منها في غيره، فظهرت في كتب الصحاح للسنة، وفي كل كتاب من كتب الحديث والفقه للشيعة، وفي كل باب من أبوابها، وهذا هو السر في تسمية الشيعة الإمامية أحيانا بالجعفريين، ونسبتهم إلى الإمام جعفر دون غيره من الأئمة الاثني عشر. وقد تصدى جماعة، منهم الجاحظ بن عقدة الزيدي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، لإحصاء عدد الرواة الذين رووا عن جعفر بن محمد، ودونت أسماؤهم ورواياتهم في الكتب الموجودة بين أيدي الناس، فبلغوا أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز والشام وخراسان وفي " كتاب المعتبر " للمحق الشيخ علي بن عبد العال: " كتب من أجوبة مسائل جعفر بن محمد أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف سموها أصولا ".
وبهذه الأصول أصبح الصادق مرجعا للفقيه والتشريع عند الشيعة الإمامية.
وبعد عصر الأئمة بقليل جمعت هذه الأصول الأربعمائة في أربعة كتب: في " كتاب الكافي " لمحمد بن يعقوب الكليني، وكتاب " من لا يحضره الفقيه ".
لمحمد بن بابويه القمي المعروف بالصدوق وكتاب " الاستبصار "، وكتاب " التهذيب " لمحمد بن الحسن الطوسي.
طريقته في التشريع نهي الصادق عن العمل بالقياس، وكان يقول: إن المقاييس لا تزيد أصحابها إلا بعد عن الحق، ونهي عن اتباع كل ظن لا يستند إلى مصدر صحيح. ومعنى القياس إلحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي لاتحادهما في العلة، وهو من الأصول الشرعية عند الأحناف وغيرهم.
ومن تتبع أقواله وأحكامه يجد له شخصية علمية مستقلة بذاتها، فلم يسند حديثه إلى الرواة، ولا إلى قول مشهور أو مأثور إلا نادرا، وتقول الشيعة: إن الإمام إذا حدث، ولم يسند، فسنده أبوه عن جده عن الرسول، ومهما يكن