الجزار والخباز وتسأل، ماذا تقول في الجزار والخباز وبائع الخضار وما أشبه من الذين ينتفع الناس بهم في حياتهم اليومية، دون أن يكون لأعمالهم طبيعة الدوام والاستمرار؟.
الجواب: ما من أحد يؤدي دورا في هذه الحياة إلا ويترك أثرا نافعا، وإن لم يبد ظاهرا للعيان.. إن العامل، أي عامل عضو حي من المجتمع، وبه وبغيره تحصل البشرية على غاياتها... وكثيرا ما يقيض الله السعادة للآخرين عن طريق واحد من هؤلاء البسطاء، أو ينبه به غافلا، أو يلهم به مفكرا، أو يؤازر مصلحا.
وكفى العامل البسيط أثرا أن يكون له أسره صالحة، فيربي أبناءه بالكثير من العرق، والجهد المضني.
العمر القصير وأقصر الناس عمرا من لا يرى هما إلا همه، ولا مشكلة إلا مشكلته، ولا خيرا إلا خيرة، وقد يخلد هذا، ويدوم له الذكر بما يتركه من أسواء وأدواء...
ولكنه يخلد في العذاب، في اللعن والسباب، تماما كما خلد يزيد ونيرون.
العمر الطويل أما أطول الناس أعمارا، وأكثرهم تأكيدا لوجودهم في كل زمان ومكان فكثيرون: منهم العلماء الذين اكتشفوا قوى الطبيعة، وسلطوا عليها إنسان القرن العشرين، لينشئ منها حياة جديدة بعد أن تسلطت عليه واستعبدت أسلافه قرونا وأحقابا.
ومنهم الذين يمنحون الناس التفاؤل، ويشجعونهم على المضي في العمل في أجل حياة أرغد وأسعد. وفي طليعتهم الأنبياء والأوصياء الذين أرشدوا الإنسانية، وأضاءوا لها سبيل الرقي والهداية.
ومنهم الذين يملكون الاستعداد للاستشهاد والتضحية بكل عزيز من أجل إحياء الحق، وإماتة الباطل.
ولا أتجاوز الحقيقة إذا قلت: إن إيمان المؤمن، ودين المتدين يقاس بالاستعداد للتنازل عن حياته من أجل الدين ومن فقد هذا الاستعداد فما هو من الدين وأهله