من إعواز أهلها لأشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء " " كراهية الحرب ". قال له أهل العراق عندما استبطأوه عن حرب أهل الشام بادئ الأمر: إن الناس يظنون أنك تكره الحرب كراهية الموت، فقال:
" والله لا أبالي أدخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي.. فوالله ما دفعت الحرب يوما، إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي وتعشو إلى ضوئي، وذلك أحب إلي من أن أقتلها على ضلالها وإن كانت تبوء بآثامها ". وقال لأصحابه بعد أن أثخنوا في أعدائه يوم صفين: " لا تتبعوا مواليا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تنهبوا مالا ". فجعلوا يمرون بالذهب والفضة في معسكرهم فلا يعرض لهما أحد. وبلغه أن حجر بن عدي وعمر بن الحمق يشتمان معاوية وأهل الشام، فأرسل إليهما إن كفا عما بلغني عنكما. فقالا: " يا أمير المؤمنين السنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: " كرهت لكم أن تكونوا شتامين لعانين، ولكن قولوا:
اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم ".
" المساكين ". الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، والمساكين المحتاجين وأهل البؤسى والزمني... واحفظ الله ما استحفظك من حقه فيهم، فلا تشخص همك عنهم، ولا تصعر خدك لهم، وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم.
قضاء الإمام وقد اشتهر عنه أنه كان أقضى أهل زمانه، والقضاء هو المحك للمواهب والرأي الصائب، ولمن حفظ العلم حفظ رواية أو دراية، قال أحمد أمين في المجلد الأول من فجر الإسلام: " كان ذا عقل قضائي، فقد ولاه رسول الله (ص) قضاء اليمن وله آراء ثبتت صحتها في مشاكل قضائية عديدة، حتى قيل عنه:
قضية ولا أبا حسن لها " وهذا القول مشهور عن عمر بن الخطاب. وقد عني جماعة من فقهاء السنة والشيعة بجمع قضاياه في كتاب مستقل، منهم الترمذي صاحب أحد الصحاح الستة، والمعلى بن محمد البصري، ومحمد بن قيس البجلي، وعلي بن إبراهيم القتمي، وجمع السيد محسن الأمين عدة قضايا أضافها إلى كتاب علي بن إبراهيم، وطبعها في كتاب اسمه " عجائب أحكام أمير المؤمنين ".