ومنها الذمة لكل بالغ عاقل صفة ذاتية تؤهل للالزام بما له وما عليه، وعلى من ضمن وتعهد أو أوتمن على عمل أو مال أن يؤديه على وجهه، وللطرف الثاني الحق في أن يحاسبه ويلزمه بالوفاء، وأن يتسلط عليه وعلى ماله إذا خان أو قصر.
والشرط الرئيسي لصحة الالزام والالتزام أن يكون لعمل حقا للملتزم وسائغا في نفسه، لا يستدعي ضررا على من ألزم أو التزم، ولا على غيرها، فكل معاهدة تخرج عن اختصاص المتعاهدين أو تضر بهما أو بأحدهما أو بغيرهما، أو تكون مجهولة الحقيقة فهي تضليل يجب إلغاؤها، وكل تجارة أو زراعة أو صناعة فيها شائبة الضرر فهي فاسدة، وكل من نذر أو أقسم أو عاهد الله أن يفعل ما يضر به أو بغيره فنذره وقسمه وعهده لغو.. قرر الصادق هذا المبدأ بأحاديث كثيرة منها: " من اشترط شرطا سوى كتاب الله فلا يجوز له ولا عليه. والمسلمون عند شروطهم إلا شرطا حلل حراما أو حرم حلالا. كل شرط خالف كتاب الله فهو مردود. إذا رأيت خيرا من يمينك فدعها، وافعل الذي هو خير، ولا كفارة عليك، إنما ذلك من خطرات الشيطان، إن الكفارة إذا حلف الرجل على أن لا يزني ولا يشرب ولا يخون وأشباه هذه.
ومنها قاعدة الأقرب فالأقرب: اعتمد الصادق على هذا المبدأ في الإرث، فجعل الأولاد والآباء أولى بالإرث من الإخوة والأجداد، والإخوة أولى من الأعمام والأخوال. فمتى وجد واحد من المرتبة المتقدمة حجب عن الإرث كل من كان في المرتبة المتأخرة، فالبنت تحجب عمها، كما يحجبه الابن من غير فرق. واعتمد على هذا المبدأ أيضا في النفقات قال: " إن أفضل ما ينفقه الإنسان على نفسه وعياله، ثم على والديه، ثم الثالثة على القرابة والإخوان، ثم الرابعة على الجيران الفقراء، ثم الخامسة في سبيل الله، وهو أخسها أجرا. " إن هذه المبادئ التي ذكرناها بقد التمثيل، لا بقصد الحصر، يسري أكثرها في الأمور المدنية كالبيع والإجارة، وما إليها من الموجبات والعقود، وفي الأمور الجنائية كالقتل والسرقة، وفي الأحوال الشخصية كالزواج والوصايا، وفي جميع المعاهدات والالتزامات. وهي تمثل لنا روح التشريع في أحكام