منها: أن أربعة رجال شربوا الخمر، وكان مع كل واحد منهم سكين، فلما بلغ بهم السكر تباعجوا بالسكاكين، فمات اثنان وبقي اثنان. فجاء أهل القتيلين للإمام وقالوا: إن هذين قتلا صاحبينا فأقدنا منهما، قال لهم... ما علمكم بذلك، لعل كلا منهما قتل صاحبه ولكن الدية توزع على الأربعة فيصيب كل واحد من الاثنين الباقيين ربع دية كل واحد من القتيلين ".
ومبنى هذا الحكم أن الاجتماع على السكر وحمل السكاكين مخالفة صريحة للشرع والقانون. وقد نجمت جناية القتل عن هذه المخالفة التي اشترك فيها الأربعة.
فتكون جناية القتل مشتركة بين الأربعة أيضا.
ومنها أن ستة غلمان تعاطوا لعبا في الفرات، فغرق غلام منهم. فشهد ثلاثة على الاثنين أنهما أغرقاه، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم أغرقوه. فقضى بالدية أخماسا منها ثلاثة أخماس على الاثنين ومنها خمسان على الثلاثة.
استند هذا الحكم إلى عدد الشهود، شهد ثلاثة على الاثنين فأصابهما ثلاثة أخماس على كل واحد خمس ونصف، وشهد اثنان على ثلاثة فأصابهم اثنان من خمسة، على كل واحد أقل من خمس.
علم الإمام جعفر الصادق عاش الإمام جعفر الصادق في أواخر زمن الأمويين، وأوائل العهد العباسي، حين أقبلت الدنيا على العرب بسبب الفتوح، واتصلوا بالأمم المتحضرة كالفرس، وعندهم الطب، والهندسة، والجغرافية، والحساب، والتنجيم، والأدب، والتاريخ، والمصريين، وعندهم مدرسة الإسكندرية، والسوريين الذين تأثروا بالعقلية الرومانية. وفي هذا العهد شرع بنقل هذه العلوم إلى اللغة العربية. فأقبل عليها المسلمون يدرسونها إلى جانب الفقه والتفسير والحديث والنحو وما إليه.
ويعقدون لها الحلقات العلمية في مساجد الشام والعراق والحجاز. وفي هذا العهد، وفي الحلقات، كانت تقوم مناقشات عنيفة قسمت المسلمين فرقا ومذاهب، ما يزال أثرها قائما إلى اليوم. كانت هذه المناقشات تدور حول مسألة الخلافة ومسألة استقلال الإنسان بأفعاله، ومسألة من ارتكب كبيرة ولم يتب، ومسألة إمكان رؤية الله، ومسألة أن صفاته هي عين ذاته أو غيرها، ومسألة خلق القرآن. ولم