في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته (1).
ولم تستطع هذه التعاريف، ولا غيرها أن تحدد لنا حقيقة الاستحسان، وتبين مراد القائلين به، فهي كما تري لا نفهم منها معنى معينا يتميز عن غيره، ويحملنا هذا على الظن أن القائلين بالاستحسان أنفسهم لم يفهموه فهما صحيحا يرتكز على أساس معقول.
والأمثلة التي ذكروها للاستحسان مختلفة أشد الاختلاف، فمنها ما تنطبق عليه قاعدة " لا ضرر ولا ضرار " ومنها تنطبق عليه تقديم الأهم على المهم، ومنها ما يدخل في المصالح المرسلة، وهذا يدل دلالة واضحة على أنه ليس للاستحسان ضابط معين، وأن اعتماد الفقيه عليه يؤدي إلى الفوضى في الأحكام، ولذا قال الشافعي: من استحسن فقد شرع، أي أحدث شرعا من قبل نفسه (2).
أما الاستصلاح أو المصالح المرسلة فهو أن يستخرج الحكم من طبيعة المصلحة على شريطة عدم وجود النص، مثل إنشاء الدواوين، وإقامة المحاكم للفضل بين الناس، وما إلى ذلك مما تستدعيه المصلحة (3) ولم أر في أقوال العاملين بالمصالح المرسلة وأمثلتهم ما يتنافى مع شئ من مذهب الشيعة الإمامية، لأنها في الحقيقة تطبيق للقواعد الكلية، والمبادئ الإسلامية عند فقدان النص.
الشيعة الإمامية والدليل الرابع إذا أراد الشيعة الإمامية أن يستخرجوا حكما شرعيا لمسألة تعرض لهم بحثوا - قبل شئ - في نصوص الكتاب والسنة وأقوال العلماء باذلين أقصى الجهد في الفحص والتنقيب، فإذا وجدوا نصا خاصا أو إجماعا وقفوا عنده وعملوا وإذا لم يجدوا ذلك لجأوا إلى العمومات والقواعد الكلية التي وردت في نصوص الكتاب والسنة، أو قام عليها الإجماع، مثل أوفوا بالعقود، وعلى اليد ما أخذت حتى تؤدي، والوالد للفراش، والحدود تدرأ بالشبهات، وكل شرط جائز