فبادروا من كل جانب، وقالوا: صدقت، لكننا ننظر في هذا الأمر، ولم يقل أحد أنه لا حاجة إلى إمام.
واستدل الخوارج على عدم وجوب نصب الإمام بأن نصبه يستدعي إثارة الفتن والحروب، لأن كل حزب يؤيد واحدا منه، واتفاق جميع الأحزاب على رجل معين بعيد جدا، فالأولى سد الباب، على أنه لو أمكن اتفاق الكلمة على تعيين من يستجمع الشروط بكاملها جاز أن ينصبوه إماما لهم.
واستدل الشيعة الإمامية على أن الاختيار في تنصيب الإمام لله وحده بوجوه الأول: بأن تنصيبه لطف من الله في حق عباده، لأن الإمام يقربهم من الطاعة بإرشادهم إليها وحثهم عليها، ويبعدهم عن المعصية بنهيهم عنها وتخويفهم من عواقبها، واللطف منه واجب، فيكون تعيين الإمام وتنصيبه واجبا عليه.
وقال المحق الأردبيلي (1): لطف الإمامة يتم بأمور منها ما يجب على الله تعالى، وهو خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلم، والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا قد فعله الإمام، ومنها ما يجب على الرعية، وهو مساعدته وقبول أوامره، وهذا لم تفعله الرعية، فكان منع اللطف منهم لا من الله ولا من الإمام.
الثاني: أن الله ورسوله قد بينا جميع الأحكام حقيرها وخطيرها، ولم يهملا شيئا من أقوال العباد وأفعالهم إلا بينا حكمة بلفظ خاص أو عام، فكيف يترك بيان هذا المنصب الهام الذي تتعلق به جميع الشؤون الدنيوية والأخروية.
الثالث: أن اختيار النبي بيد الله، لأن النبوة سر لا يطلع عليه سواه، فهو وحده، يعلم حيث يجعل رسالته، كذلك اختيار الإمام يرجع إلى الله، لأن الإمامة سر أيضا لا يطلع عليه إلا هو، بالنظر لخطرها ونيابتها عن النبوة.
صفات الإمام يشترط الشيعة الإمامية أن يكون الإمام معصوما، لأن الغاية من وجوده إرشاد الناس إلى الحق، وردعهم عن الباطل. فلو جاز عليه الخطأ في الأحكام، أو المعصية