مذاهب السنة والدليل الرابع قال الحنيفة والمالكية: هو القياس، والاستحسان، والاستصلاح (1).
وقال الشافعية: هو القياس فحسب، ولا يعتمد على الاستحسان والاستصلاح (2) وقال الحنبلية هو القياس والاستصلاح (3).
والقياس هو إلحاق أمر غير منصوص عليه بآخر منصوص عليه، إلحاقه به في الحكم الشرعي لاتحاد بينهما في العلة (4) مثلا نص الشرع على أن الجدة لأم ترث، ولم ينص على الجدة لأب فنورث الجدة لأب قياسا على الجدة لأم، لأن كلتيهما جدة، وهذا أشبه شئ بقياس المساواة، ومن أدلتهم على اعتبار القياس، ومن تعالى (واعتبروا يا أولي الأبصار) (5) والشيعة الإمامية منعوا العمل بالقياس. ومن المأثور عنهم، والمشهور على ألسنتهم وفي كتبهم " ليس من مذهبنا القياس " واستثنوا من حرمة العمل بالقياس حالتين: العلة المنصوصة، مثل لا تشرب الخمر لأنه مسكر، ومفهوم الأولوية، مثل لا تقل لهما أف، والحقيقة أنهما ليسا من القياس في شئ، لأن النص في المثال الأول أثبت الحرمة لكل مسكر خمرا كان أو غيره فالحكم لغير الخمر ثبت بالنص، لا بالقياس، وكذا في المثال الثاني، فإن النص أثبت الحرمة لكلي الإهانة الشاملة للشتم والضرب، وعبر عن العام بأضعف أفراده، وهو التأفيف، للتنبيه على أهمية الطاعة والتأدب مع الوالدين.
أما الاستحسان فقد عرفه أبو الحسن الكرخي من الأحناف أنه العدول بالمسألة عن حكم نظائرها إلى حكم آخر لوجه أقوى يقتضي العدول، وقال ابن العربي من المالكية أنه العمل بأقوى الدليلين (6) وفسره بعضهم بأنه دليل ينقدح