الطيبة لفتح باب الاجتهاد الذي يقول به الشيعة ويؤمنون به إيمانهم بالاسلام وشريعته.
عندما قرأت كتاب الديمقراطية كتبت لمؤلفه الأستاذ خالد كتابا مطولا، شرحت فيه أقوال الشيعة على حقيقتها في المسائل التي نقلها عنهم، ورجوته أن يستدرك، ويصحح النقل على أساس ما في كتبهم، كما يستدعيه المنطق السليم، ولا يعتمد على كتب غيرهم كائنا من كان مؤلفها، لأن خصوم الشيعة قد نسبوا إليهم الكثير مما لا يعرفون إمعانا في الكيد والتنكيل، فأجابني بكتاب قال فيه:
" أما عن الشيعة فالأمر كما أدركتم فضيلتكم لم أكن معهم على موعد، ولم أقصد مناقشة تفكيرهم ومناهجهم. بل ضربتهم مثلا لما يمكن أن يعتاق الوحدة السياسية لبلاد الشرق الأوسط المنهوب إذا نحن أصررنا على إغفال الروابط الإنسانية الشاملة، وتشبثنا بالروابط الدينية وحدها. أما الشيعة بالذات فلهم في نفسي تقدير خاص، ولا يمكن أن ننسى من أعلامهم أولئك الذين بذلوا جهدا سخيا واعيا في سبيل تحرير الفقه الاسلامي من أغلاله، وتنقيته من الرواسب والشوائب وأرجو أن نلتقي في يوم قريب ".
وكان عزمي أن أقف عنه هذا الحد مكتفيا بكتابي وجوابه غير أن الكثير من علماء الشيعة آلمهم قول الأستاذ خالد، وحمله بعضهم على غير واقعه ومحمله الصحيح، وظن الظنون بصاحب الكتاب، وأنه تحدى شعور الملايين من المسلمين بقصد الشقاق وتفرقة الصفوف، وبهذا الحافز حاول الرد عليه أكثر من واحد.
وفي عقيدتي أن الأستاذ خالد لم يقصد ذم الشيعة من قوله في صفحة 148 " وهم أي الشيعة يخالفون الإسلام في كثير من نصوصه " بدليل ما نقله عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بعد هذا الكلام بلا فاصل. قال في صفحة 150 " ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة عندما دعته المصلحة لذلك، فبينما يقسم القرآن للمؤلفة قلوبهم حظا من الزكاة، ويؤديه الرسول وأبو بكر، يأتي عمر فيقول: لا نعطي على الإسلام شيئا، وبينما يجيز الرسول أبو بكر بيع أمهات الأولاد، يأتي عمر فيحرم بيعهن، وبينما كان الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدا بحكم السنة والاجماع، جاء عمر فترك السنة وحطم الإجماع ".