مسألة ما إذا توفي إنسان، وله بنت أو أكثر، وليس له ولد ذكر، وله أخ، أو كانت له أخت أو أخوات، وليس له أخ ذكر، وله عم فإن أهل السنة يشاركون أخا الميت مع ابنته في الميراث، ويشاركون عنه مع أخته، والشيعة يقولون أن التركة بكاملها للبنت أو البنات، وليس لأخ الميت شئ، وإذا لم يكن له أولاد، وكان له أخت أو أخوات، فالمال كله للأخت أو للأخوات، ولا شئ للعم، لأن من كان بينه وبين الميت درجة واحدة فهو بميراثه أولى ممن كان بينه وبينه درجتان أو أكثر، والمذاهب الأربعة تعترف بهذه القاعدة، قاعدة الأقرب فالأقرب في مسألة العصبة، لأنهم قالوا: أن عصبة الأقرب كالأخ تمنع الأبعد كالعم. وآية أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين كما دلت على أن القريب أولى من الغريب في الميراث، فقد دلت أيضا على أن الأقرب أولى ممن هو دونه في القرابة، وليس من شك في أن البنت أقرب إلى الميت من أخيه، كما أن أخته أقرب إليه من عمه.
وآية " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا " دلت على التساوي بين الذكور والإناث في استحقاق الإرث ومراتبه وكما أن بين الابن والأب درجة واحدة فبين الأب والبنت درجة واحدة أيضا، لأن كلا منهما يصدق عليه لفظ الوالد عرفا ولغة وشرعا، قال تعالى " فاستفتهم ألربك البنات، ولهم البنون - وفي آية أخرى - ما كان الله أن يتخذ ولدا " فإذا كان الابن يحجب عمه لأنه ولد، فالبنت تحجبه أيضا لأنها ولد.
ومن هنا يتبين أن قوله تعالى " إن امرؤ هلك وليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد " يتبين أن الأخ والأخت لا يرثان شيئا إلا مع عدم وجود الابن والبنت، لأن كلا منهما ولد حقيقة وقيل: أن اختصاص البنت الواحدة أو البنات بالميراث كله يتعارض مع نص الآية 11 من سورة النساء " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، وإن كانت واحدة فلها النصف، ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد " فالله سبحانه فرض للبنت الواحدة النصف مع عدم الابن، وللبنتين فما فوق الثلثين، والشيعة يقطون البنت الواحدة جميع التركة، وكذلك البنات.