هذا الزعيم الاسلامي الشيعي هو آية الكاشاني - كما أعلم - وقد اجتمعت به في لبنان بعد أن أدى فريضة الحج عائدا من مكة إلى بلده إيران، وسمعته يتحدث عن سفره وحجه فلم يشر من قريب ولا من بعيد إلى الهرج المذكور، أو إلى أي شئ حدث بسبب ما أداه من أفعال الحج، ولا شئ من واجبات الحج عند الشيعة يتعارض مع العرف الاسلامي، أو يحدث هرجا يفضي إلى سوء، وهذه هي واجبات الحج، كما هي مدونة في كل منسك من مناسك الحج، وفي كل كتاب من كتب فقه الشيعة، وكما يؤديها كل مسلم شيعي، بلا زيادة ولا نقصان، وهي الإحرام والوقوف بعرفات، والوقوف بالمشعر، ونزول منى، والرمي والذبح، والحلق والطواف، وركعتاه، والسعي، وطواف النساء وركعتاه.
وهناك أمر يحدث في كثير من مواسم الحج يظن من لا ينتبه إليه أن الشيعة يخالفون إخوانهم السنة في بعض أفعال الحج، مع أنه لا خلاف بينهما في واقع الحال. وهذا الأمر هو ثبوت أول شهر ذي الحجة، فإن أفعال الحج موقتة بأيام الشهر الهلالي، فلا يجوز أن تتقدم عن وقتها أو تتأخر، ويصادف أن يثبت أول الشهر عند السنة، ولا يثبت عند الشيعة، فيقف - مثلا - السني في عرفات يوم الاثنين، لأنه يعتقد أن أول أشهر يوم الأحد، بينما يحاول الشيعي جاهدا وحرصا على أداء الواجب في حينه أن يقف يوم الثلاثاء لاعتقاده بأن أول أشهر الاثنين.
وليس هذا خلافا في حكم الشرع، ولا في موضوعه، وإنما هو خلاف في ظرف العمل الذي يخرج تشخيصه وتطبيقه عن اختصاص الشرع، فالخلاف بين السنة والشيعة في ذلك كالخلاف بين أهل الشام والعرق على ثبوت هلال شوال، وتعيين عيد الفطر (1).
وأراني قد أتعبت القارئ بهذا التطويل والقال والقيل، ولا أظنه رافقني واستطاع معي صبرا إلى هنا، فلعله اكتفى بقراءة العنوان، أو لعله قرأ العنوان وبعض الأسطر، وولى مدبرا لا يلوي على شئ.