بما لا يخالف المذاهب الأربعة. ونقدم بعض الأمثلة للتدليل على أن بين المذاهب الأربعة من الخلاف ما لا يمكن التقريب بينها بحال.
أباح مالك أكل الذئب والدب والهرة، وجميع حشرات الأرض كالفأر والذباب والدود على كراهة، وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد بالتحريم (1) وبهذا قال الشيعة.
وقال مالك: بطهارة الكلب مع قول أبي حنيفة والشافعي وابن حنبل بالنجاسة (2) وبهذا قال الشيعة.
وقال الشافعي وأحمد لا تنعقد صلاة الجمعة إلا بأربعين شخصا، وقال أبو حنيفة تنعقد بأربعة أشخاص (3) واختلف الشيعة، فمنهم من قال: لا تنعقد إلا بسبعة، ومنهم من قال تنعقد بخمسة أحدهم الإمام.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: إن القاتل خطأ لا يرث من مال قريبه المقتول شيئا، وقال مالك: يرث من المال دون الدية (4) وبهذا قال أكثر الشيعة.
وقال مالك: إن الحامل إذ بلغت ستة أشهر فليس لها أن تتصرف فيما زاد عن ثلث مالها، مع قول الثلاثة بالجواز (5) وبهذا قال الشيعة.
إلى غير ذلك من الخلافات التي وضع لها فقهاء الإسلام مجلدات عديدة لا مجلدا واحدا.
والغرض من هذه الأمثلة التدليل على أن الخلافات، كما هي واقعة بين السنة والشيعة، فهي حاصلة بين السنة بعضهم مع بعض، وبين الشيعة أيضا بعضهم مع بعض، ولكن قد اتفقت كلمة الجميع بحمد الله تعالى، كي لا يكون لعدو الإسلام مغمز عليه وعلى المسلمين، اتفقت كلمتهم على أن هذه الخلافات كلها مرتبطة بالشريعة، لم يخالف وأحد منها نصا من نصوص الإسلام، وأنها رجمة لهذه الأمة، وتوسعة عليها، ونفي للاكراه والحرج في الدين وهذي هي الثمرة