الديمقراطية كما هو شأنه في الكلام عن الاستعمار والإقطاعية لما عتب عليه أحد منهم. أما وقد نقل عنهم ما ليس لهم به علم فيحق لهم أن يعتبوا أو يدافعوا.
تكلم الأستاذ خالد في كتابه الديمقراطية عن الأنظمة التي يجب العمل بها، فدعا إلى سن قوانين تنظم مصالحنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعتمد على العرف والمصلحة والعقل، وتتجه نحو الأغراض الدينية، وبهذا تصبغ القوانين بصبغة القومية تحفظ وحدة الأمة وترعاها، ولا تثير جدالا ولا ضغنا، ولا يضار الدين بشئ من مبادئه وتعاليمه.
ورد على القائلين بتوحيد التشريع الاسلامي، رد عليهم بأن هذا يتنافى مع الدعوة لاتحاد إسلامي، لأن بين السنة والشيعة خلافات عميقة في الفقه والتشريع، وضرب على هذا الخلاف العميق السحيق أمثلة من فقه الشيعة. فالمؤلف إذن لم يكن بصدد الرد على الشيعة، ولا انتقاص مذهبهم ومنهجهم، فليس لأحد أن يتهمه بقصده وحسن نيته، ولكن للقارئ الحق في أن يسأله عن الدليل على أن الشيعة ينكرون رمي الجمار في الحج، والسعي بين الصفا والمروة، ولا يعترفون بغير القرآن...
وللقارئ الحق في أن يسأل أيضا: لماذا ضرب المؤلف أمثله من فقه الشيعة فقط، مع أن الخلافات بين مذاهب أئمة السنة أعمق بكثير من الخلافات بين السنة والشيعة، ففي المسألة الواحدة يفتي بعض الأئمة بأن هذا حرام، ويفتي الآخر بأنه حلال، أو يفتي بأن هذا نجس، ويفتي الآخر بطهارته، أو يفتي بصحة معاملة والآخر بفسادها، ومن البديهة أنه ليس بين الحلال والحرام، ولا بين الطهارة والنجاسة، ولا بين الصحة والفساد أية جامعة أو شبه، واللفظ لا يدل على التحريم والحل معا، ولا على الطهارة والنجاسة، أو الصحة والفساد في دلالة واحدة.
وتجد هذه المسائل الخلافية بين المذاهب الأربعة في كل باب من أبواب الفقه، وقد شغلت الحيز الأكبر من كتب الشريعة، حتى أن ما اتفقوا عليه لا يعد شيئا بالقياس إلى ما اختلفوا فيه، ومن هنا جاءت اجتهادات الشيعة موافقة لقول إمام من الأربعة ولم تخالفهم مجتمعين إلا نادرا، وقد اشتهر عن نور الدين المرعشي قاضي قضاة أكبر آباد أنه بقي في منصبه أمدا طويلا يقضي على مذهب الإمامية