فنقلها إلى ولده الطاغية يزيد بالقهر عن المسلمين.
بهذا المنطق السليم حاكم الدكتور جميع القضايا التي تعرض لها في كتابه، أما النتيجة التي انتهى إليها فهي أن الذين حاروا عليا، وكادوا له، وعارضوه فيما كان يراه من حق، هم وحدهم السبب في محنة الإسلام من ذلك العهد حتى آخر يوم، وهم وحدهم الذين أورثوا المسلمين عناء وخلافا لم ينقضيا، ولن ينقضيا إلى أن يشاء الله.
وليس من غرضي التعريف بالكتاب من جميع نواحيه، ولو أردت ذلك لم أكتف بمقال أو مقالين، لأن الكتاب كبير جدا كبير بحجمه، كبير بحقائقه، كبير بما يثيره من المشاعر والأحاسيس، كبير قدرة كاتبه على التعبير، وبراعته في الأداء، وإنما غرضي أن أعرف القارئ برأي الدكتور في الشيعة، وبخاصة الشيعة أنفسهم، ليعرفوا أنهم بعيدون كل البعد عن روح عقيدتهم ومبادئهم.
ولم يخصص الدكتور طه فصلا من كتابه للبحث عن الشيعة، وليته فعل، ولكنه أشار إليهم بكلمات متفرقة في صفحات عديدة، لمناسبة ساقة إليها البحث من حيث يريد أولا يريد وهي بمجموعها تعطينا الصورة التالية:
إن لكلمة الشيعة معنيين الأول: المعنى اللغوي، وهو الفرقة من الأتباع والأنصار الذين يوافقون على الرأي والمنهج، فشيعة الرجل في اللغة هم أصحابه الذين اتبعوا رأيه، وهذا المعين هو المقصود من قوله سبحان " وإن من شيعته لإبراهيم - فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته " والشيعة بهذا المعنى كانوا موجودين في عهد الإمام بلا ريب.
الثاني: المعنى الاصطلاحي، وهو هذه الفرقة المتميزة بعقائدها وعوائدها الخاصة، والمعروفة عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخي الفرق، ويقصدونها عندما يطلقون كلمة الشيعة، والشيعة بهذا المعنى لم يكن لهم في عهد الإمام عين ولا أثر " وإنما كان للإمام في حياته أنصار وأتباع، وكانت كثرة المسلمين كلها أنصارا له وأتباعا ".
ويعتقد الدكتور أن فرقة الشيعة بالمعنى الاصطلاحي المعروف إنما نشأت وتكررت وأصبحت حزبا سياسيا منظما لعلي وبنيه بعد أن وقع الصلح بين الحسن ومعاوية، وبعد أن نكث هذا بالعهد ولم يف بما اشترطه على نفسه، تألف وفد