ثم، كما يجوز تأخر كلمة الشرط مع الشرط عما هو جزاؤه معنى، نحو:
أكرمك إن أكرمتني، وأكرمتك لو أكرمتني: جاز تأخر (إذن) الذي هو ككلمة الشرط مع الشرط عن جزائه، نحو: أكرمك إذن، وكذا يتوسط (إذن) بين جزأي ما هو جزاؤه معنى، تقول: أنا إذن خارج، وإن كان نحو ذلك لا يجوز في كلمة الشرط إلا ضرورة قال:
هذا سراقة للقرآن يدرسه * والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب 1 - 82 كما يجئ ذلك، لضعف معنى الشرط في (إذن) وكذا تقول: والله إذن لأخرجن، كما تقول: والله إن كان كذا لأخرجن.
ولما كان إذن إشارة إلى زمان الفعل المتقدم، وجب تقديم ذلك 2، إما في كلام المتكلم بإذن، نحو قولك: إن جئتني إذن أكرمك، قال تعالى: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها، وإذن لا يلبثون خلافك إلا قليلا) 3، وإما في كلام متكلم آخر، كقولك: إذن أكرمك، وأنا إذن أكرمك، في جواب من قال: أنا أزورك.
ثم اعلم أن (إذن) إذا وليه المضارع، احتمل أن يكون للشرط في المستقبل، كان، وأن يكون للحال، فلا يتضمن معنى الجزاء، كما تقول لمن يحدثك بحديث:
إذن أظنك كاذبا، فإنه لا معنى للجزاء ههنا، إذ الشرط والجزاء، إما في المستقبل أو في الماضي، كما مر في باب الظروف المبنية، ولا مدخل للجزاء في الحال ، فيكون (إذن) مع الحال، كما قلنا في قوله تعالى: (فعلتها إذن وأنا من الضالين) 4.
فلما احتملت (إذن) التي يليها المضارع معنى الجزاء، فالمضارع بمعنى الاستقبال، واحتملت معنى مطلق الزمان، فالمضارع بمعنى الحال، وقصد التنصيص على معنى ،