وهو، أيضا، منكر في المعنى، كما مر في باب المعرفة 1، لداع 2 لهم إلى ذلك، وهو أنهم غلبوا تأخير هذا المبتدأ عن الخبر ليحصل به التفسير بعد الإبهام، إذ له في النفوس وقع، فأوردوا الفاعل في صورة المعرفة وإن كان نكرة في الحقيقة، ليكون الكلام المفيد للمدح أو الذم في الظاهر مصوغا على وجه لا ينكر، لأن مدح شخص منكور من الأشخاص أو ذمه، لا فائدة فيه، فبتوا أمر المدح والذم من أول الأمر، على وجه يصح في الظاهر، والجملة الفعلية، كما ذكرنا في تقدير مفرد، وهو الفاعل الموصوف بالفعل، وذلك لأنه سلب من الفعل معنى الزمان والحدوث، فصار معنى نعم: جيد، فكأنه صفة مشبهة، ومجوز ذلك كون جميع الأفعال في المعنى، صفات لفاعليها، فصار نعم الرجل، كجرد قطيفة 3، ولا يقال: ان ما ذكرت، قريب من دعوى علم الغيب 4، فإن 5 الأصول تدعو إليه، وذلك لأنه تقرر بالدليل أن المخصوص مرتفع بالابتداء، ما بعده خبره، لا خبر مبتدأ مقدر، إذ لو كان خبر مبتدأ مقدر، لم تدخل نواسخ الابتداء عليه مقدما على فعل المدح أو الذم، ومؤخرا عنه، نحو: كنت نعم الرجل، و:
745 - يمينا لنعم السيدان وجدتما * على كل حال من سحيل ومبرم 6 فإذا ظهر كونه مبتدأ ما قبله خبره، فلو كان الخبر باقيا على جمليته لوجب أن يكون فيها عائد إليه، ،