شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٢
ودليل فعليتهما 1 أيضا، ما حكاه الكسائي من نحو: نعما رجلين، ونعموا رجالا والضمائر المرفوعة البارزة من خواص الأفعال، وأيضا، جواز استعمال جميع باب فعل مع فعليته، استعمال نعم وبئس، يقوي فعليتهما أيضا 2، ثم نقول: إنهما بعد ذلك، وهو كونهما فعلين مستقلين بفاعليهما كلاما صارا مع فاعليهما بتقدير المفرد، كصفة متقدمة على موصوفها، كما في قوله:
والمؤمن العائذات الطير يمسحها * ركبان مكة بين الغيل فالسند 3 - وجرد قطيفة، فصار معنى نعم الرجل: رجل في غاية الجودة، فكأنه كان أصل نعم الرجل: رجل نعم، أي جيد، فصارا معا 4 جزء جملة بعدما كانا جملة مستقلة، ولهذا نظائر، نحو قوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) 5، وظننت زيدا قائما، على ما مر في باب ظننت، ونحو: (يوم يجمع الله الرسل) 6، فإن الجمل في هذه الصور، منسلخة عن معنى الجملية بدليل كون مضمون الأولى مبتدأ، على ما قيل 7، وكون مضمون الثانية مفعولا، ومضمون الثالثة فاعلا 8، ومضمون الرابعة مضافا إليه، ومبني كلامهم أن الجمل إذا كانت بمعنى المفرد، فإن كانت علما فهي محكية مطلقا، وإن لم تكن، فإن كانت فعلية تركت على حالها، كما مر في باب علمت، قال تعالى: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه) 9، أي: بدا لهم سجنهم إياه، ،

(1) رجوع إلى الحديث عن نعم وبئس بعد هذا الاستطراد، (2) لا حاجة لذكر كلمة أيضا فقد بدأ بها الحديث، (3) من معلقة النابغة الذبياني وتقدم ذكره في باب النعت في الجزء الثاني، (4) يعني نعم والمرفوع بعدها، على الوجه الذي رآه الرضي، (5) الآية 6 في سورة البقرة، ومثلها في سورة يس، الآية 10 وسواء عليهم...
(6) الآية 109 سورة المائدة، (7) ناقش الرضي إعراب النجاة لمثل هذا التركيب في باب حروف العطف، (8) ليس في النسخة المطبوعة ما يرجع إليه هذا، وفي بعض النسخ التمثيل بنحو: كان زيد منطلقا، فيكون هو المقصود بأن مضمون الجزأين فاعل، (9) من الآية 35 في سورة يوسف
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست