ودليل فعليتهما 1 أيضا، ما حكاه الكسائي من نحو: نعما رجلين، ونعموا رجالا والضمائر المرفوعة البارزة من خواص الأفعال، وأيضا، جواز استعمال جميع باب فعل مع فعليته، استعمال نعم وبئس، يقوي فعليتهما أيضا 2، ثم نقول: إنهما بعد ذلك، وهو كونهما فعلين مستقلين بفاعليهما كلاما صارا مع فاعليهما بتقدير المفرد، كصفة متقدمة على موصوفها، كما في قوله:
والمؤمن العائذات الطير يمسحها * ركبان مكة بين الغيل فالسند 3 - وجرد قطيفة، فصار معنى نعم الرجل: رجل في غاية الجودة، فكأنه كان أصل نعم الرجل: رجل نعم، أي جيد، فصارا معا 4 جزء جملة بعدما كانا جملة مستقلة، ولهذا نظائر، نحو قوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) 5، وظننت زيدا قائما، على ما مر في باب ظننت، ونحو: (يوم يجمع الله الرسل) 6، فإن الجمل في هذه الصور، منسلخة عن معنى الجملية بدليل كون مضمون الأولى مبتدأ، على ما قيل 7، وكون مضمون الثانية مفعولا، ومضمون الثالثة فاعلا 8، ومضمون الرابعة مضافا إليه، ومبني كلامهم أن الجمل إذا كانت بمعنى المفرد، فإن كانت علما فهي محكية مطلقا، وإن لم تكن، فإن كانت فعلية تركت على حالها، كما مر في باب علمت، قال تعالى: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه) 9، أي: بدا لهم سجنهم إياه، ،