وإنما أفاد دخول النفي على النفي 1 دوام الثبوت، لأن نفي النفي إثبات ، وإذا قيدت نفي الشئ بزمان، وجب أن يعم ذلك النفي جميع ذلك الزمان، بخلاف الأثبات، فإنك إذا قيدت إثبات الشئ بزمان، لم يلزم استغراق الأثبات لذلك الزمان، إذا قلت، مثلا، ضرب زيد، كفى في صدق هذا القول: وقوع الضرب في جزء من أجزاء الزمن الماضي، وأما قولك: ما ضرب، فإنه يفيد استغراق نفي الضرب لجميع أجزاء الزمن الماضي، وذلك لأنهم أرادوا أن يكون النفي والأثبات المقيدان بزمن واحد في طرفي نقيض، فلو جعل النفي كالاثبات مقيدا بوقوعه، أي وقوع النفي في جزء غير معين من أجزاء الزمان المخصوص، لم يكن يناقض ذلك الأثبات، إذ يمكن كون الجزء الذي يقيد الأثبات به غير الجزء الذي يقيد النفي به، فلا يتناقضان، فاكتفي في الأثبات بوقوعه مطلقا، ولو مرة، وقصدوا في النفي الاستغراق، إذ استمرار الفعل، أصعب وأقل من استمرار الترك، فصار نحو: ضرب، وما ضرب، كالموجبة الجزئية والسالبة الكلية، اللتين تناقض إحداهما الأخرى، فتبين بهذا، أن النهي يفيد التكرار، على ما ذهب إليه أكثر الأصوليين، فحصل من هذا كله، أن نفي النفي يكون، أيضا، دائما، ونفي النفي يلزم منه الأثبات، فيلزم من نفي النفي إثبات دائم، وهو المقصود، ولا يجعل كل فعل مفيد للنفي، داخل عليه النفي، بمعنى: كان دائما، بل ذلك موقوف على السماع، فلا يقال: ما انفصل أو ما فارق ضاربا، ولا يقال:
ما زلت أميرا، بضم الزاي، ولا: ما أزول أميرا 2، وما زال، الناقص: واوي، مضارعه: ما يزال، كخاف يخاف، فأما زال، يزول، وقولك: زاله يزيله أي فرقه، من الياء 3، فتامان، ،