كنا يوما بين يدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فقال: ليس في الدنيا نعيم حقيقي.
فقال له بعض الفقهاء ممن بحضرته: قول الله عز وجل: ﴿ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم﴾ (1) أما هذا النعيم في الدنيا، وهو الماء البارد؟
فقال له الرضا (عليه السلام) كذا فسرتموه أنتم، وجعلتموه على ضروب؛ فقالت طائفة: هو الماء البارد، وقال غيرهم: هو الطعام الطيب، وقال آخرون: هو النوم الطيب.
ولقد حدثني أبي، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام): أن أقوالكم هذه ذكرت عنده، في قول الله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) فغضب (عليه السلام)، وقال: إن الله تعالى لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به، ولا يمن بذلك عليهم، والامتنان مستقبح من المخلوقين، فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضى المخلوق به؟! ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا، يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوة، لأن العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول.
ولقد حدثني بذلك أبي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه (عليهم السلام)، أنه قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إن أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك ولي المؤمنين، بما جعله الله وجعلته لك، فمن أقر بذلك وكان يعتقده، صار إلى النعيم الذي لا زوال له...
الحديث (2).