إمام الدنيا عماد الدين محمد بن أبي سعيد بن عبد الكريم الوزان في محرم سنة ست وتسعين وخمسمائة: أورد صاحب كتاب (تأريخ نيسابور) في كتابه: أن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) لما دخل إلى نيسابور في السفرة التي خص فيها بفضيلة الشهادة، كان في قبة مستورة بالسقلاط (1) على بغلة شهباء، وقد شق نيسابور، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية، والمثابران على السنة المحمدية: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي، ومعهما خلائق لا يحصون من طلبة العلم وأهل الأحاديث وأهل الرواية والدراية، فقالا: أيها السيد الجليل، ابن السادة الأئمة، بحق آبائك الأطهرين، وأسلافك الأكرمين، إلا ما أريتنا وجهك الميمون المبارك، ورويت لنا حديثا عن آبائك، عن جدك محمد (صلى الله عليه وآله)، نذكرك به.
فاستوقف البغلة، وأمر غلمانه بكشف المظلة عن القبة، وأقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان على عاتقه، والناس كلهم قيام على طبقاتهم، ينظرون إليه، وهم ما بين صارخ وباك ومتمرغ في التراب ومقبل لحافر بغلته، وعلا الضجيج، فصاحت الأئمة والعلماء والفقهاء: معاشر الناس، اسمعوا وعوا، وانصتوا لسماع ما ينفعكم، ولا تؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم، وكان المستملي أبو زرعة ومحمد بن أسلم الطوسي.
فقال علي بن موسى الرضا (عليهما السلام): حدثني أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين شهيد كربلاء، عن أبيه علي بن أبي طالب، أنه قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: حدثني جبرئيل، قال: سمعت رب العزة سبحانه وتعالى