فقال الرضا (عليه السلام): لم يخف علي هذا، فأبلغ أولياءنا بالبصرة وغيرها، أني قادم عليهم، ولا قوة إلا بالله، ثم أخرج إلي جميع ما كان للنبي (صلى الله عليه وآله) عند الأئمة (عليهم السلام) من بردته وقضيبه وسلاحه وغير ذلك.
فقلت: ومتى تقدم عليهم؟ قال: بعد ثلاثة أيام من وصولك ودخولك البصرة، فلما قدمتها سألوني عن الحال، فقلت لهم: إني أتيت موسى بن جعفر (عليه السلام) قبل وفاته بيوم واحد. فقال: إني ميت لا محالة، فإذا واريتني في لحدي، فلا تقيمن وتوجه إلى المدينة بودائعي هذه، وأوصلها إلى ابني علي بن موسى (عليه السلام) فهو وصيي، وصاحب الأمر بعدي. ففعلت ما أمرني به، وأوصلت الودائع إليه، وهو يوافيكم إلى ثلاثة أيام من يومي هذا، فاسألوه عما شئتم.
فابتدر الكلام عمرو بن هذاب من القوم - وكان ناصبيا، ينحو نحو التزيد والاعتزال - فقال: يا محمد، إن الحسن بن محمد رجل من أفاضل أهل هذا البيت في ورعه وزهده وعلمه وسنه، وليس هو كشاب مثل علي بن موسى، ولعله لو سئل عن شيء من معضلات الأحكام لحار في ذلك.
فقال الحسن بن محمد - وكان حاضرا في المجلس -: لا تقل يا عمرو ذلك، فإن عليا على ما وصف من الفضل، وهذا محمد بن الفضل يقول: إنه يقدم إلى ثلاثة أيام، فكفاك به دليلا، وتفرقوا.
فلما كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة، إذا الرضا (عليه السلام) قد وافى، فقصد منزل الحسن بن محمد، وأخلى له داره، وقام بين يديه، يتصرف بين أمره ونهيه، فقال (عليه السلام): يا حسن بن محمد، أحضر جميع القوم الذين حضروا عند محمد ابن الفضل وغيرهم من شيعتنا، وأحضر جاثليق النصارى، ورأس الجالوت، ومر القوم أن يسألوا عما بدا لهم. فجمعهم كلهم والزيدية والمعتزلة، وهم لا يعلمون