وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله): ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾ (1)، ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا، ولا يرجعون إلى ضلالة أبدا، وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوا له، فلا يسلم له قلب الرجل، فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شيء، إذ فرض عليهم مودة ذي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته (عليهم السلام)، لم يستطع رسول الله أن يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيت نبيه، فعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله، وأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا؟
ولما أنزل الله هذه الآية على رسوله (صلى الله عليه وآله): (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
" أيها الناس، إن الله قد فرض عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ " فلم يجبه أحد، فقام فيهم يوما ثانيا، فقال مثل ذلك، فلم يجبه أحد، فقام فيهم يوم الثالث، فقال:
" أيها الناس، إن الله قد فرض عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ " فلم يجبه أحد، فقال: " أيها الناس، إنه ليس ذهبا ولا فضة، ولا مأكولا ولا مشروبا ". قالوا:
فهات إذن. فتلا عليهم هذه الآية. فقالوا: أما هذه فنعم، فما وفى به أكثرهم.
ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إن لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك، وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها بارا مأجورا، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج، فأنزل الله