نعم. فقال: لم؟ قلت: أنا شيخ كبير، وإن الغلمان لا يفون بالأعمال.
فقال: هيهات هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار موسى ابن جعفر. قلت: ما لي ولموسى بن جعفر. فقال: دع هذا عنك، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (١).
وثمة موقف آخر أعرب فيه الإمام عن نقمته وسخطه الشديدين على حكومة هارون ودعوته إلى حرمة التعاون معهم بأي لون كان، وقد منع (عليه السلام) الركون إليهم مستشهدا بقوله تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (2) وقد حرم على المسلمين الميل إليهم وأكد على ضرورة مقاطعتهم حتى لو كان ذلك مستندا إلى التخلي عن بعض المصالح الشخصية، كما وحذر أصحابه من الدخول في أجهزة الدولة أو قبول أي وظيفة من وظائفها أو الانضمام إلى أجهزتها، ويتضح ذلك في موقفه من زياد بن أبي سلمة، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، فقال لي:
يا زياد، إنك لتعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل. قال لي: ولم؟
قلت: أنا رجل لي مروة وعلي عيال، وليس وراء ظهري شيء. فقال لي:
يا زياد، لأن أسقط من حالق (3) فأتقطع قطعة قطعة، أحب إلي من أن أتولى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم، إلا لماذا؟ قلت: لا أدري، جعلت فداك.
قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه. يا زياد، إن