الموقف السلبي تجاه السلطة اتخذه الإمام (عليه السلام) ومن قبله أبوه الصادق (عليه السلام) لأنه لا يمتلك مؤهلات وعناصر القوة على مواجهة الحكم بالرفض الصريح لتكوينه ودعوة الأمة للقيام بعمل ثوري من أجل تصحيح الانحرافات وإقامة دولة العدل، لذا اتخذ الإمام (عليه السلام) موقفا مرحليا في مواجهة الجهاز الحاكم، إذ إن رفض العمل للحكم والسلبية في التعاون معه يعد منطلقا مبدئيا في تهيئة المواجهة الصريحة الثائرة بعد أن يكون الحكم قد فقد عنصر القوة بفعل السلبية العملية التي مارستها الأمة إزاء العمل له والتعاون معه.
وحرب المقاطعة وسلبية الإمام (عليه السلام) الصارمة التي التزمها وألزم بها أصحابه وندد على المخالفين لمضمونها تهدف إلى إضعاف الروابط العملية بين السلطان والرعية، وبذلك يفقد السلطان مؤهلات إقامة دولته وتركيز بناء حكمه ويهيئ الأرضية لإنهاء تماسك أجهزة الحكم وشل حركتها من الداخل، وهو أمضى سلاح يواجهه الحاكم الظالم، فحين تمتنع الطاقات عن عطائها للحكم وتكف الجماعة يدها عن العمل له وحماية مكاسبه، تتقلص قدرته ويتداعى بناء أجهزته الظالمة.
فمقاطعة الحكم التي اعتمدها الإمام (عليه السلام) في حربه الباردة ضد الحكم والسلبية، كانت ثورة عملية ضد النظام ذات أبعاد سياسية عميقة، وكان نجاحها يتوقف على نسبة الدعم الذي تقوم به الأمة في سلبيتها العملية ضد الحكم القائم وفق المخطط المرسوم لها من قبل الإمام (عليه السلام)، غير أن افتقاد الأمة لمقومات السلبية والركون إلى الحكام الظلمة لأجل مصالحها الذاتية فوت الفرصة وأبطل فاعلية الخطة مما تسبب في تقليص آثارها.
ولم يكن الإمام بما يملك من حس مرهف وبعد في النظر ومعرفة بالواقع العام لمختلف فئات الأمة بعيدا عن رؤيا النتائج الواقعية لهذا التحرك، ولكنه (عليه السلام) أراد أن