نفسه على مواجهة وتحمل كل الصعاب التي مارسها حكام الجور ضده وضد العلويين من آله، كما شمل ذلك العنت والعذاب أصحابه البررة والموالين المنتسبين لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد صمم (عليه السلام) على مواجهة كل ما يستجد من جور الحكام العباسيين وتابعيهم من محن ومآس في سبيل ترسيخ دعائم شريعة السماء وما جاء به جده المصطفى صلوات الله عليه، حتى ظهور المنقذ الأعظم للبشرية، وحتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
اتخذ الإمام الكاظم (عليه السلام) السلبية موقفا له في التعامل مع السلطة الحاكمة وأجهزتها، فقد كان يبدي التحفظات في ممارسة أي عمل للنظام الحاكم، وكان يندد بمواقف بعض المتملقين للحكم والعاملين في أجهزته.
وتتضح دعوته (عليه السلام) في تحريم التعاون مع الحكم في أي مجال من المجالات، خلال حواره مع صفوان الجمال، فقد روى الكشي عن حمدويه قال: حدثني محمد ابن إسماعيل الرازي، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثني صفوان ابن مهران الجمال، قال: دخلت على أبي الحسن الأول (عليه السلام) فقال لي: يا صفوان، إن كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك، أي شيء؟
قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون -.
قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة - ولا أتولاه، ولكن أبعث معه غلماني.
فقال لي: يا صفوان، أيقع إكراؤك عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك. فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك. قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان واردا النار. قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، وقال: يا صفوان، بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت: