حمل الامام المسؤولية في قتل عثمان بن عفان، وقد دفعه إلى العصيان ما يتمتع به من القوى العسكرية واتفاق كلمتها واصرارها على الطلب بدم عثمان.
ورجعت رسل السلام وقد أخفقت في سفارتهم، واستبان لها أن معاوية مصمم على الحرب، ولا رغبة له في الصلح، وأحاطوا الإمام (ع) علما بذلك فجعل يتهيأ للحرب، ويدعو الناس إلى القتال.
الحرب:
وعبا الامام أصحابه على راياتهم، واستعد للقتال، وقد أمر أصحابه أن لا يبدأوهم بقتال كما عهد لهم في حرب الجمل، وان لا يقتلوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح، ولا يمثلوا بقتيل، ولا يهيجوا امرأة إلى غير ذلك من الوصايا التي تمثل شرف القيادة العسكرية في الاسلام.
وجعلت فرق من جيش الامام تخرج إلى فرق من جيش معاوية فيقتتل الفريقان نهارا كاملا أو طرفا منه، ثم يتحاجزان من دون أن تقع حرب عامة بينهما وقد رجا الامام بذلك أن يثوب معاوية إلى الصلح وحقن الدماء، ودام الامر على هذا حفنة من الأيام من شهر ذي الحجة فلما أطل شهر الحرام، وهو من الأشهر التي يحرم فيها القتال في الجاهلية والاسلام، توادعوا شهرهم كله، وأتيح للفريقين أن يقتلوا آمنين، وقد آمن بعضهم بعضا ولم تقع بينهم أي حرب، وقد سعت بينهم سفراء السلم إلا أنها أخفقت في سعيها، وقد احتدم الجدال بين الفريقين فأهل العراق يدعون أهل الشام إلى جمع الكلمة وحقن الدماء، ومبايعة وصي رسول الله (ص) والدخول فيما دخل فيه المسلمون، وأهل الشام يدعون العراقيين إلى الطلب بدم عثمان ورفض بيعة الامام، وإعادة الامر شورى بين المسلمين.