الخطاب السياسي لعائشة:
وخطبت عائشة في مكة خطابا سياسيا حملت فيه المسؤولية في إراقة دم عثمان على الغوغاء فهم الذين سفكوا الدم الحرام في الشهر الحرام، وقد قتلوا عثمان بعد ما أقلع عن ذنوبه وأخلص في توبته، ولا حجة لهم فيها اقترفوه من سفك دمه (1)، وقد كان خطابها فيما يقول المحققون حافلا بالمغالطات السياسية، فان الغوغاء لم يسفكوا دمه، وإنما سفك دمه الذين رفعوا علم الثورة عليه، وفي طليعتهم كبار الصحابة كعمار بن ياسر وأبي ذر وعبد الله بن مسعود وطلحة والزبير، وكانت هي بالذات من أشد الناقمين عليه فقد اشتدت في معارضته، وأفتت في قتله وكفره فقالت: " اقتلوا نعثلا فقد كفر " فأي علاقة للغوغاء بإراقة دمه؟
وأما توبته فان عثمان أعلن غير مرة عن تراجعه عن أحداثه إلا أن بني أمية كانوا يزجونه في مخططاتهم السياسية فيعود إلى سياسية الأولى، ولم يقلع عنها حتى قتل.
وعلى أي حال فقد كان خطابها أول بادرة لاعلان العصيان المسلح على حكومة الامام وكان الأولى بعائشة بحسب مكانتها الاجتماعية أن تدعو إلى وحدة الصف وجمع كلمة المسلمين، وان تقوم بالدعم الكامل لحكومة الامام التي تمثل أهداف النبي (ص) وما تصبوا إليه الأمة من العزة والكرامة.