و تتابعت كتب أهل الكوفة - كالسيل - إلى الإمام الحسين، وهي تحثه على المسير والقدوم إليهم لانقاذهم من ظلم الأمويين وعنفهم، وكانت بعض تلك الرسائل تحمله المسؤولية أمام الله والأمة إن تأخير عن اجابتهم.
ورأى الامام - قبل كل شئ - أن يختار للقياهم سفيرا له يعرفه باتجاهاتهم، وصدق نياتهم، فان رأى منهم نية صادقة، وعزيمة مصممة فيأخذ البيعة منهم، ثم يتوجه إليهم بعد ذلك، وقد اختار لسفارته ثقته وكبير أهل بيته، والمبرز بالفضل فيهم مسلم بن عقيل، وهو من أفذاذ التاريخ، ومن أمهر الساسة، وأكثرهم قابلية على مواجهة الظروف، وللصمود أمام الحداث، وعرض عليه الامام القيام بهذه المهمة. فاستجاب له عن رضى ورغبة، وزوده برسالة رويت بصور متعددة وهي:
الأولى: رواها أبو حنيفة الدينوري وهذا نصها:
" من الحسين بن علي إلى من بلغه كتابي هذا من أوليائه وشيعته بالكوفة، سلام عليكم، أما بعد: فقد أتتني كتبكم، وفهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومي عليكم وأنا باعث إليكم بأخي وابن عمي، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل ليعلم لي كنه أمركم، ويكتب إلي بما يتبين له من اجتماعكم فان كان أمركم على ما أتتني به كتبكم، وأخبرتني به رسلكم أسرعت القدوم إليكم إن شاء الله والسلام.. " (1).
الثانية: رواها صفي الدين وقد جاء فيها بعد البسملة:
" أما بعد فقد وصلتني كتبكم، وفهمت ما اقتضته آراؤكم، وقد بعثت إليكم ثقتي وابن عمي مسلم بن عقيل، وسأقدم عليكم وشيكا في أثره إن شاء الله.. " (2).