2 - ان النعمان كان ناقما على يزيد وذلك لبغضه للأنصار فقد أغرى الأخطل الشاعر المسيحي في هجائهم فثار لهم النعمان كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة، ولعل لهذا ولغيره لم يتخذ النعمان أي اجراء مضاد للثورة.
خطبة النعمان:
وأعطى النعمان للشيعة قوة في ترتيب الثورة وتنظيما، وهيا لهم الفرص في احكام قواعدها مما ساء الحزب الأموي، فأنكروا عليه ذلك، وحرضوه على ضرب الشيعة فخرج النعمان، وصعد المنبر فأعلن للناس سياسته المتسمة بالرفق، فقال بعد حمد الله والثناء عليه.
" أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة فان فيها تهلك الرجال وتسفك الدماء، وتغضب الأموال. إني لم أقاتل من لم يقاتلني، ولا أثب على من لا يثب علي، ولا أشاتمكم، ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف (1) ولا الظنة ولا التهمة، ولكنكم إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم امامكم فوالله الذي لا إله إلا هو لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن منكم ناصر، أما اني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل " (2).
وليس في هذا الخطاب أي ركون إلى وسائل العنف والشدة، وانما كان فيه تحذير من مغبة الفتنة وحب للعافية، وعدم التعرض لمن لا يثب على السلطة، وعدم أخذ الناس بالظنة والتهمة كما كان يفعل زياد بن أبيه