" لقد كنت أمس أميرا، فأصبحت اليوم مأمورا، وكنت أمس ناهيا فأصبحت اليوم منهيا.. ".
التحكيم:
ولم تقف محنة الامام وبلاؤه في جيشه المتمرد إلى هذا الحد من العصيان والخذلان وانما تجاوز الامر إلى أكثر من هذا، فقد أصر المتمردون بقيادة الأشعث بن قيس على انتخاب أبي موسى الأشعري الذي هو من ألد أعداء الامام وأكثر هم حقدا عليه، وانما ألحوا على انتخابه لعلمهم بأنه سيعزل الامام عن الحكم وينتخب غيره ممن يحقق أطماعهم، وقد احتف هؤلاء العصاة بالامام، وهم يهتفون:
" إنا رضينا بابي موسى الأشعري ".
وزجرهم الامام، ونهاهم عن انتخابه قائلا:
" انكم قد عصيتموني في أول الامر، فلا تعصوني الان، إني لا أرى أن أولي أبا موسى ".
وأصروا على غيهم وعنادهم قائلين:
" لا نرضى الا به، فما كان يحذرنا وقعنا فيه ".
وأخذ الامام يدلي عليهم واقع أبي موسى وانحرافه عنه قائلا:
" إنه ليس لي بثقة، قد فارقني وخذل الناس عني، ثم هرب عني حتى آمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس توليه. " وامتنعوا من ترشيح ابن عباس، فأرشدهم ثانيا إلى انتخاب مالك الأشتر فرفضوه وأصروا على انتخاب الأشعري، ولم يجد الامام بعد هذا بدا من الرضا والاذعان.