خطاب الأحنف بن قيس:
وانبرى إلى الخطابة زعيم العراق وسيد تميم الأحنف بن قيس الذي تقول فيه ميسون أم يزيد: " لو لم يكن في العراق إلا هذا لكفاهم " (1) وتقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم التفت إلى معاوية قائلا:
" أصلح الله أمير المؤمنين " ان الناس في منكر زمان قد سلف، ومعروف زمان مؤتنف، ويزيد بن أمير المؤمنين نعم الخلف، وقد حلبت الدهر أشطره.
يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الامر من بعدك، ثم أعصي أمر من يأمرك، ولا يغررك من يشير عليك، ولا ينظر لك، وأنت أنظر للجماعة، واعلم باستقامة الطاعة مع أن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا... ".
وأثار خطاب الأحنف موجة من الغضب والاستياء عند الحزب الأموي فاندفع الضحاك بن قيس منددا به، وشتم أهل العراق، وقدح بالامام الحسن، ودعا الوفد العراقي إلى الاخلاص لمعاوية والامتثال لما دعا إليه، ولم يعن به الأحنف فقام ثانيا فنصح معاوية ودعاه إلى الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه من تسليم الامر إلى الحسن من بعده حسب اتفاقية الصلح التي كان من أبرز بنودها ارجاع الخلافة من بعده إلى الإمام الحسن كما أنه هدد معاوية باعلان الحرب إذا لم يف بذلك.