صلحه واقع معاوية، ويكشف عنه ذلك الستار الصفيق الذي تستر به، وقد اختار (ع) هذا الامر على ما فيه من قذى في العين وشجي في الحلق، ويقول المؤرخون إنه جمع جيشه فعرض عليهم الحرب أو السلم فتعالت الأصوات من كل جانب وهم ينادون.
" البقية البقية " (1).
لقد استجابوا للذل، ورضوا بالهوان، وما لوا عن الحق، وقد أيقن الامام أنهم قد فقدوا الشعور والاحساس، وانه ليس بالمستطاع أن يحملهم على الطاعة ويكرههم على الحرب فاستجاب - على كره ومرارة - إلى الصلح.
لقد كان الصلح أمرا ضروريا يحتمه الشرع، ويلزم به العقل، وتقضي به الظروف الاجتماعية الملبدة بالمشاكل السياسية فان من المؤكد أنه لو فتح باب الحرب لمني جيشه بالهزيمة، ومنيت الأمة من جراء ذلك بكارثة لا حد لأبعادها.
اما كيفية الصلح وشروطه وأسبابه وزيف الناقدين له فقد تحدثنا عنها بالتفضيل في كتابنا حياة الإمام الحسن (ع).
موقف الإمام الحسين:
والشئ المحقق ان الإمام الحسين قد تجاوب فكريا مع أخيه في أمر الصلح، وانه تم باتفاق بينهما فقد كانت الأوضاع الراهنة تقضي بضرورته، وانه لا بد منه، وهناك بعض الروايات الموضوعة تعاكس ما ذكرناه، وان الإمام الحسين كان كارها للصلح وقد هم ان يعارضه فانذره أخوه