سأبعد داري من قلى عن دياركم * فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض (1) وحلل الدكتور يوسف خليف هذه الأبيات بقوله: " وأبو السرابا في هذه الأبيات يردد تلك الفكرة القديمة التي عرفت عن أهل الكوفة من أنهم أهل شقاق ونفاق ومساوئ أخلاق، فيصفهم بالشقاق والجهل وتفرق العزيمة والضعف والعجز، ويرى أن هذه صفاتهم التي تلازمهم دائما في الحرب والسلم، وهي صفات لم تجعل أحدا من زعمائهم أو أئمتهم يرضى عنهم، وهم منفردون بها من بين سائر البشر في جميع أقطار الأرض التي وطأتها قدماه، ثم يعلن في النهاية ببغضه لهم واعتزامه البعد عنهم ليذوقوا من بعده سوء العاقبة وسوء المصير " (2).
ووصفهم أبو بكر الهذلي بقوله: " ان أهل الكوفة قطعوا الرحم ووصلوا المثانة، كتبوا إلى الحسين بن علي انا معك مائة الف، وغروه حتى إذا جاء خرجوا إليه وقتلوه وأهل بيته صغيرهم وكبيرهم، ثم ذهبوا يطبون دمه، فهل سمع السامعون بمثل هذا؟ " (3).
الجشع والطمع:
وهناك نزعة عامة سادت في أوساط المجتمع الكوفي، وهي التهالك على المادة والسعي على حصولها بكل طريق، فلا يبالون في سبيلها بالعار والخزي، ولقد لعبت هذه الجهة دورها الخطير في اخفاق ثورة مسلم، فقد بذل ابن زياد الأموال بسخاء للوجوه والأشراف فخفوا إليه سراعا