الحسين لثورته، فاعتبر أن الحسين قد توخى النصر منذ اللحظة الأولى، وعلم النصر فيه، فحركة الحسين في خروجه على يزيد - كما يقول - انما كانت عزمة قلب كبير عز عليه الاذعان، وعز عليه النصر العاجل، فخرج باهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الاجل بعد موته، ويحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة.
لقد أيقن أبو الشهداء (ع) ان القضية الاسلامية لا يمكن أن تنتصر إلا بفخامة ما يقدمه من التضحيات فصمم بعزم وايمان على تقديم أروع التضحيات وهذه بعضها:
1 - للتضحية بنفسه:
وأعلن الإمام (ع) عن عزمه على التضحية بنفسه، فأذاع ذلك في مكة فأخبر المسلمين ان أوصاله سوف تتقطع بين النواويس وكربلا، وكان في أثناء مسيرته إلى العراق يتحدث عن مصرعه، ويشابه بينه وبين أخيه يحيى بن زكريا وان رأسه الشريف سوف يرفع إلى بغي من بغايا بني أمية كما رفع رأس يحيى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
لقد صمم على الموت واستهان بالحياة من أجل أن ترتفع راية الحق وتعلو كلمة الله في الأرض وبقي صامدا على عزمه الجبار فلم يرتهب حينما أحاطت به الجيوش الهائلة وهي تبيد أهل بيته وأصحابه في مجزرة رهيبة اهتز من هولها الضمير الانساني، وقد كان في تلك المحنة الحازبة من أربط الناس جأشا، وأمضاهم جنانا، فلم ير قلبه ولا بعده شبيها له في شدة بأسه وقوة عزيمته، كما لا يعرف التاريخ في جميع مراحله تضحية أبلغ أثرا في