والفجور، ومن طريف ما ينقل في هذا الموضوع انه أوتي بشيخ إلى هشام ابن عبد الملك وكان معه قيان وخمر وبربط، فقال: اكسروا الطنبور على رأسه فبكى الشيخ فقال له أحد الجالسين عليك بالصبر، فقال له الشيخ أتراني أبكي للضرب؟ انما أبكي لاحتقاره البربط إذ سماه طنبورا (1) لقد كانت سيرة الأمويين في جميع أدوارهم امتدادا لسيرة معاوية الذي أشاع حياة اللهو والخلاعة في البلاد للقضاء على أصالة الأمة، وسلب وعيها الديني والاجتماعي.
إشاعة المجون في الحرمين:
وعمد معاوية إلى إشاعة الدعارة والمجون في الحرمين للقضاء على قدسيتهما واسقاط مكانتهما الاجتماعية في نفوس المسلمين، يقول العلائلي: " وشجع الأمويون حياة المجون في مكة والمدينة إلى حد الإباحة، فقد استأجر طوائف من الشعراء والمخنثين من بينهم عمر بن أبي ربيعة لأجل أن يمسحوا عاصمتي مكة والمدينة بمسحة لا نليق، ولا تجعلهما صالحتين للزعامة الدينية.
وقد قال الأصمعي: دخلت المدينة فما وجدت الا المخنثين، ورجلا يضع الاخبار والطرف: " (2) وقد شاعت في يثرب مجالس الغناء، وكان الوالي يحضرها ويشارك فيها (3) وانحسرت بذلك روح الأخلاق، وانصرف الناس عن المثل العليا التي جاء بها الاسلام.