حياة الناس من تضحيته عليه السلام فقد بقيت صرخة مدوية في وجوه الظالمين والمستبدين.
2 - التضحية باهل بيته:
وأقدم أبو الشهداء (ع) على أعظم تضحية لم يقدمها أي مصلح اجتماعي في الأرض، فقد قدم أبناؤه وأهل بيته وأصحابه فداءا لما يرتأيه ضميره من تعميم العدل وإشاعة الحق والخير بين الناس.
وقد خطط هذه التضحية، وآمن بأنها جزء من رسالته الكبرى، وقد أذاع ذلك وهو في يثرب حينما خفت إليه السيدة أم سلمة زوج النبي تعذله عن الخروج، فأخبرها عن قتله وقتل أطفاله.. وقد مضى إلى ساحات الجهاد وهو متسلح بهذا الايمان، فكان يشاهد الصفوة من أصحابه الذين هم من أنبل من عرفتهم الانسانية في ولائهم للحق، وثم يتسابقون إلى المنية بين يديه، ويرى الكواكب من أهل بيته وأبنائه، وهم في غضارة العمر وريعان الشباب، وقد تناهبت أشلاءهم السيوف والرماح، فكان يأمرهم بالثبات والخلود إلى الصبر قائلا:
" صبرا يا بني عمومتي، صبرا يا أهل بيتي لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا!! ".
واهتزت الدنيا من هول هذه التضحية التي تمثل شرف العقيدة، وسمو القصد وعظمته المبادئ التي ناضل من أجلها، وهي - من دون شك - ستبقى قائمة على ممر القرون والأجيال، تضئ للناس الطريق، وتمدهم بأروع الدروس عن التضحية في سبيل الحق والواجب.