" اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه. " وكان صاحب الراية في الكتيبة التي يقاتل فيها عمار هو هاشم بن عتبة المرقال وكان من فرسان المسلمين وخيارهم وأحبهم للامام وأخلصهم له وكان أعور، فاتجه نحوه عمار فجعل تارة يدفعه بعنف إلى الحرب ويقول له: تقدم يا أعور، وأخرى يرفق به أشد الرفق ويقول له: احمل فداك أبي وأمي، وهاشم يقول له: رحمك الله يا أبا اليقظان انك رجل تستخف الحرب، واني انما أزحف لعلي أبلغ ما أريد، وضجر هاشم فحمل وهو يرتجز:
قد أكثروا لومي وما أقلا * إني شريت النفس لن اعتلا أعور يبغي نفسه محلا * لابد أن يفل أو يفلا قد عالج الحياة حتى ملا * أشلهم بذي الكعوب شلا وقد دال هذا الرجل على تصميمه على الموت، وسئمه من الحياة، وجال في ميدان القتال، وعمار معه يقاتل ويرتجز:
نحن ضربنا كم على تنزيله * واليوم نضربكم على تأويله ضربا يزبل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله لقد قاتل عمار بايمان واخلاص المشركين مع رسول الله (ص) وناضل كاشد ما يكون النضال دفاعا عن كلمة التوحيد، وقاتل أعنف القتال مع أخي رسول الله (ص) دفاعا عن تأويل القران ودفاعا عن امام المسلمين فما أعظم عائدة عمار وألطافه على الاسلام.
والتحم عمار مع القوى الغادرة التحاما رهيبا، وحمل عليه رجس من أرجاس البشرية يسمى أبو الغادية فطعنه برمحه طعنة قاتلة، فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والايمان يتخبط بدمائه الزكية،