التمرد على الولاة:
والطابع الخاص الذي عرف به المجتمع الكوفي التمرد على الولاة والتبرم منهم، فلا يكاد يتولى عليه وال وحاكم حتى أعلنوا الطعن عليه فقد طعنوا في سعد بن أبي وقاص مؤسس مدينتهم واتهموه بأنه لا يحسن الصلاة (1) فعزله عمرو ولى مكانه الصحابي الجليل عمار بن ياسر، ولم يلبثوا أن شكوه إلى عمر فعزله، وولى مكانه أبا موسى الأشعري، ولم تمض أيام من ولايته حتى طعنوا فيه، وقالوا: لا حاجة لنا في أبي موسى (2) وضاق عمر بهم ذرعا وبدا عليه الضجر فسأله المغيرة عن شانه فقاله له:
" ما فعلت هذا يا أمير المؤمنين إلا من عظيم، فهل نابك من نائب؟ ".
فانبرى عمر يشكو إليه الألم الذي داخله من أهل الكوفة قائلا:
" وأي نائب أعظم من مائة الف لا يرضون عن أمير، ولا يرضى عنهم أمير. " (3).
وتحدث عمر عنهم فقال:
" من عذيري من أهل الكوفة إن استعملت عليهم القوي فجروه، وان وليت عليهم الضعيف حقروه. " (4).
لقد جبلوا على التمرد فهم لا يطيقون الهدوء والاستقرار، ويرى ديمومبين أن هذه الظاهرة اعتادها الكوفيون من أيام الفرس الذين دأبوا