أمان ابن الأشعث:
ولما سمع محمد بن الأشعث رجز مسلم الذي أقسم فيه أن يموت ميتة الأحرار، وأن لا يخدع ولا يغر انبرى إليه قائلا: " انك لا تكذب ولا تخدع ان القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضاريك " (1).
فلم يعتن به مسلم، وانما مضى يقاتلهم أعنف القتال وأشده، ففروا منهزمين من بين يديه، واعتلوا فرق بيوتهم يرمونه بالحجارة، فأنكر عليهم مسلم ذلك قائلا:
" ويلكم!! ما لكم ترمونني بالحجارة، كما ترمى الكفار!!
وأنا من أهل بيت الأبرار، ويلكم أما ترعون حق رسول الله (ص) وذريته.. ".
ولم يستطيعوا مقابلته وجبنوا عن مقابلته، وضاق بابن الأشعث أمره فصاح بالجيش: ذروه حتى أكلمه، ودنا منه، فخاطبه:
" يا بن عقيل، لا تقتل نفسك، أنت آمن، ودمك في عنقي " ولم يحفل به مسلم فإنه على علم بان الأشعث لم يمر في تاريخه ولا في تاريخ أسرته أي معنى من معاني الشرف والنبل والوفاء، فاندفع يقول له:
" يا بن الأشعث، لا أعطي بيدي أبدا، وأنا أقدر على القتال، والله لا كان ذلك ابدا. ".
وحمل مسلم على ابن الأشعث ففر الجبان يلهث كأنه الكلب، وأخذ العطش القاسي من مسلم مأخذا عظيما فجعل يقول:
" اللهم ان العطش قد بلغ مني ".