كفرت بوحيكم وجعلت نذرا * علي قتالكم حتى الممات أرى عيني ما لم تبصراه * كلانا عالم بالترهات إذا قالوا: أقول لهم كذبتم * وان خرجوا لبست لهم أداتي (1) لقد مضى يصب ثورته وسخريته على المختار وأصحابه في نفس الوزن الذي نظم فيه قصيدته السابقة، ومن الطبيعي ان هذا التناقض في حياتهم كان ناجما من الاضطراب النفسي، وعدم التوازن في السلوك:
ومن غرائب ذلك التناقض أن بعضهم كان يحتاط في أبسط الأمور ولا يتحرج من اقتراف أعظم الموبقات، فقد جاء رجل من أهل الكوفة إلى عبد الله بن عمر يستفتيه في دم البعوض يكون على الثوب أطاهر أم نجس؟
فقال له ابن عمر:
- من أين أنت؟
- من أهل العراق.
فبهر ابن عمر وراح يقول: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض!!
وقد قتلوا ابن بنت رسول الله (ص) وقد سمعته يقول فيه وفي أخيه:
هما ريحانتاي من الدنيا (2).
ويعزو بعضهم السبب في هذا الاضطراب إلى الظروف السياسية القاسية التي مرت عليهم، فان الحكم الأموي كان قد عاملهم بمنتهى القسوة والشدة فرماهم بأقسى الولاة وأشدهم عنفا أمثال المغيرة بن شعبة وزياد بن سمية مما جعل الحياة السياسية ضيقة ومتحرجة مما نجم عنه هذا التناقض في السلوك.