وما نكثوا من بيعة بعد بيعة * إذا ضمنوها اليوم خاسوا بها غدا (1) وقد عرفوا بهذا السمت عند جميع الباحثين، ويرى " فلهوزن " انهم مترددون متقلبون وانهم لم يألفوا النظام والطاعة، وان الاخلاص السياسي والعسكري لم يكن معروفا لهم على الاطلاق، واكد ذلك الباحث " وزتر شنين " يقول: إن من صفاتهم المميزة البارزة الهوائية والتقلب ونقص الثقة بأنفسهم (2).
ولم يكن هذا التذبذب في حياتهم مقتصرا على العامة، وانما كان شائعا حتى عند رجال الفكر والأدب فسراقة الشاعر المعروف وقف في وجه المختار، واشترك في قتاله يوم جبانة السبيع فلما انتصر المختار وقع سراقة أسيرا بين يدي أصحابه فزج به في السجن فاخذ سراقة يستعطفه وينظم القصيد في مدحه، ويذكر مبادئ ثورته ويبالغ في تمجيده فكان مما قاله فيه:
نصرت على عدوك كل يوم * بكل كتيبة تنعى حسينا كنصر محمد في يوم بدر * ويوم الشعب إذ لاقى حنينا فاسجح (3) إذ ملكت فلو ملكنا * لجرنا في الحكومة واعتدينا تقبل توبة مني فاني * سأشكر إن جعلت النقد دينا ولما عفا عنه المختار خرج من الكوفة فلم يبعد عنها قليلا حتى أخذ يهجو المختار ويحرض عليه، وقد قال في هجائه:
الا بلغ أبا إسحاق أني * رأيت البلق دهما مصمتات